رسالة ..إلى القحطاني

رسالة .. إلى القحطاني

 

كتَبتَ  بيراعك ذات  يوم

بالله قولوا كلما أنشدتم *** رحم الإله صداك يا قحطاني

وها أنذا أكتب أسطري التي تفيض

ترحما

على من أهدانا هذ الأحرف

وشكرا

لله أن وفقنا لقرائتها

 

وكتبت أيضا

والله أسأله قبول قصيدتي  *** مني وأشكره لما أولاني

وما أرى بقاء قصيدتك

(نونية القحطاني)

ترددها الأجيال

رغم مرور ألف عام على وفاتك

إلا على القبول دلالة .. ولك شهادة.

 

ها هي القلوب الحية يا أبا محمد

كلما خلت بريبة..

ومسها طائف من الشيطان

تذكرت أبياتك الناصحة:

–

وإذا خلوت بريبة في ظلمة

والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها

إن الذي خلق الظلام يراني

–

فتكسرت .. خواطر السوء

وتبعثرت .. أفكار السوء

وأدبرت ..شهوة السوء

وصدح النداء الرباني فيها:

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)

 

 

ها هم ملح البلد..

 أهل الله .. أهل القراءان وحملته

يمضون ليلهم وهم يناجون ربهم بدعائك:

–

يا منزل الآيات والفرقان 

بيني وبينك حرمة القرآن

اشرح به صدري لمعرفة الهدى

واعصم به قلبي من الشيطان

يسر به أمري وأقض مآربي 

وأجر به جسدي من النيران

واحطط به وزري وأخلص نيتي

واشدد به أزري وأصلح شاني

واكشف به ضري وحقق توبتي

واربح به بيعي بلا خسراني

طهر به قلبي وصف سريرتي

أجمل به ذكري واعل مكاني

واقطع به طمعي وشرف همتي

كثر به ورعي واحي جناني

أسهر به ليلي وأظم جوارحي

أسبل بفيض دموعها أجفاني

أمزجه يا رب .. بلحمي مع دمي

واغسل به قلبي من الأضغاني

 

في أصدق مناجاه .. وأعذب دعاء

وأنى لمن  كان هذا دعاؤه وهو مقبل على ربه

أن يتحسس الشيطان إليه طريقا

أو يظفر بأن يجعلهم ممن شملهم حديث

(أول من يدعى به)

 

ها هي قلوب الشاكرين

كلما غفلت عن نعمة المنعم وكرم الكريم

أيقظتها أبياتك:

 

أنت الذي صورتني وخلقتني

وهديتني لشرائع الإيمان

أنت الذي علمتني ورحمتني

وجعلت صدري واعي القرآن

أنت الذي أطعمتني وسقيتني

من غير كسب يد ولا دكان

وجبرتني وسترتني ونصرتني

وغمرتني بالفضل والإحسان

 

ها هم

من ابتلوا بالشهرة ..

وأقلقهم افتتان الناس بهم..

وبات  هاجسهم 

أن لا يضلوا فيضل من يتبعهم

فتطمأنهم ابياتك .. أن الشهرة ابتلاء..

لكن حب الناس نعمة .. والشكر عليها مستحق:

–

أنت الذي آويتني وحبوتني

وهديتني من حيرة الخذلان

وزرعت لي بين القلوب مودة

والعطف منك برحمة وحنان

ونشرت لي في العالمين محاسنا

وسترت عن أبصارهم عصياني

وجعلت ذكري في البرية شائعا

حتى جعلت جميعهم إخواني

 

ها هي

القلوب الغافلة,

التي غرها ستر الله عليها

تعود إلى ربها

كلما قرأت ابياتك:

–

والله لو علموا قبيح سريرتي

لأبى السلام علي من يلقاني

ولأعرضوا عني وملوا صحبتي

ولبؤت بعد كرامة بهوان

لكن سترت معايبي ومثالبي

وحلمت عن سقطي وعن طغياني

 

ها هو من أحاطت به خطيئته .. وصار الندم قرينه

وضاقت عليه الأرض بما رحبت

يقرأ ابياتك لينفض عن روحه غبار القنوط

ويتحسس خارطة الاستعانة:

 

لأسبحنك بكرة وعشية

ولتخدمنك في الدجى أركاني

ولأذكرنك قائما أو قاعدا

ولأشكرنك سائر الأحيان

ولأكتمن عن البرية خلتي

ولاشكون إليك جهد زماني

ولأقصدنك في جميع حوائجي

من دون قصد فلانة وفلان

ولأجعلن رضاك أكبر همتي

ولاضربن من الهوى شيطاني

ولأمنعن النفس عن شهواتها

ولأجعلن الزهد من أعواني

ولأتلون حروف وحيك في الدجى

ولأحرقن بنوره شيطاني

 

ها نحن

كلما خذلتنا عقولنا.. وتسيدتنا عواطفنا

وتطرفنا في أمر

تذكرنا نصيحتك المشفقة:

–

واقبل وصية مشفق متودد

واسمع بفهم حاضر يقظان

كن في أمورك كلها متوسطا

عدلا بلا نقص ولا رجحان

ها نحن

كلما اختلطت الأوراق

وارتبكت الموازين

تذكرنا أبيات الهداية :

–

كن طالبا للعلم واعمل صالحا

فهما إلى سبل الهدى سببان

 

هانحن

في زمان الثرثرة

نتذكر نصيحة السكوت:

جمل زمانك بالسكوت فإنه

زين الحليم وسترة الحيران

 

ليس لي بعد نصيحة الصمت

إلا أن أوجه رسالتين :

الأولى

لمن يقرأ أسطري:

 –

إذا أردت أن تخلوا بنفسك,

وأردت عبارات تجسد مساحة الانكسار في أعماقك

فدونك  نونية القحطاني ..

 

والثانية

إلى الإمام محمد بن صالح القحطاني رحمه الله

مازالت قصيدتك في قلوبنا

ككلمة طيبة

أصلها ثابت..

وفرعها في السماء

 ومازلنا نردد

(رحم الإله صداك يا قحطاني)

………………………..

كتبته: هند عامر

hindamer@hotmail.com