جلسة الشورى السادسة .. والتوصية المؤجلة (*)

جلسة الشورى السادسة .. والتوصية المؤجلة (*)

 

حينما تناقل الناس أخبار الجلسة العادية السادسة لمجلس الشورى والتي كانت يوم الاثنين 12-3-2013 م,

انشغلوا بخبر [الموافقة على مقترح مشروع نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا],

ورغم أهمية هذا المقترح إلا أن مالفت نظري هو أمر آخر تماما وهو [توصية عضو المجلس سعود الشمري التي أجلها مجلس الشورى ]

ونحن هنا نناقش هذه التوصية بعيدا عن التضخيم المبالغ فيه وكذلك  بعيدا التهوين الذي يهمش قضية مهمة كهذه,

وسنناقش هذه التوصيةفي أربعة نقاط رئيسة:

1-  فحوى  توصية  عضو المجلس سعود الشمري.

2- رد رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئية بالمجلس حولها.

3- تعقيب د.نورة العدوان – مستشارة سابقة للمجلس ومتخصصة في قضايا المرأة -.

4- تعاطي الصحف مع هذه التوصية.

 

وقبل أن أبدأ أنبه أني حصلت على هذه البيانات من الصحف التالية: ( الوطن, عكاظ, الرياض, المدينة)

ولم يتسن لي الاستماع للنقاش الذي حصل مباشرة, وقد لحظت أن التغطية كانت شبه متطابقة مما يعني أنها  وصلتهم من الجهة المسؤولة في مجلس الشورى أي أنها تغطيات مقرة رسميا, والآن لنناقش التوصية :


أولا.. ما تضمنته توصية من مطالبة عضو المجلس سعود الشمري:

طالب الأستاذ سعود  بــ

[قيام “الصحة” بالتنسيق مع وزارتي الشؤون الاجتماعية  والإعلام بإعداد مشروع وطني للمباعدة بين الولادات للمحافظة على صحة الأم وبناء الأسرة]

وفي هذا عدة إشكالات:

الأول:

أن من قدم التوصية رجل, وهذا غريب في ظل وجود 30عضوة يفترض أن من أولى أولوياتهن قضايا المرأة.

 

الثاني:

ارتباط التوصية بخطوط حمراء كثيرة, فإذا كان هناك من سيربط عبارة (المباعدة بين الولادات) بـ (تنظيم النسل) المشروع, فهناك من يربطه بمصطلح (الصحة الإنجابية) الأممي, والذي يعد ضمن منظومة كاملة تهمش وتحارب قيم مثل (الأمومة) وتتداخل كثيرا ضمن مبحث وظيفة المرأة في المجتمع.

هذه التوصية رغم أنها ذات طابع صحي طبي, لكن لها جوانب فكرية, وشرعية خطيرة.

 

ثانيا.. تعقيب رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئية:

تعقيب رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئية بالمجلس الدكتور محسن الحازمي على سبب تأجيل التوصية وعدم طرحها في تقرير الوزارة الذي تم التصويت عليه بـ(تأكيده بأنه تم التفاهم مع مقدم التوصية لإعادة دراسة التوصية مع بعض الجهات الحكومية، حتى يتم إيضاح بعض الأمور المتعلقة بها)

ويعد تعقيب د.محسن تعقيبا واعيا يدرك الخطوط الحساسة التي تحيط بمسألة كهذه, فنحن لا نتحدث عن اتفاق بين زوجين حول تنظيم النسل, نحن نتحدث عن مشروع وطني و قرارات وأنظمة تتدخل في كل بيت تحت مبررات طبية احترازية قد تدمر الأسرة بدلا من الحفاظ عليها.

لكن ما أردفه د.محسن بقوله (قد تطرح التوصية للمناقشة في تقرير وزارة الصحة المقبل) تجعلنا نتخوف من تهميش وجهات النظر الأخرى في قرار خطير كهذا.

 

ثالثا.. تعقيب د.نورة العدوان – مستشارة سابقة للمجلس ومتخصصة في قضايا المرأة -:

تعقيب د.نورة كان تعقيب بديع, ويعكس جانب الإلمام بأطراف الأمر حيث عارضت الدكتورة نورة العدوان، التوصية ودعمت رأيها بثلاثة حجج:

1- أن تقارير مصلحة الإحصاءات العامة كشفت عن الخصوبة في المملكة في عام 2012 ، بلغت 2 وربع لكل امرأة واحدة، واذا استمر الوضع في التناقص ستكون خصوبة المرأة خلال الـ10 سنوات القادمة 1.5 لكل مرأة سعودية.

2- ارتفاع نسبة العنوسة في المملكة إذ بلغ سن النساء الذين بلغن سن الزواج أكثر من ثلث سكان المملكة.

3-   انخفاض النمو السكاني في المملكة بشكل واضح مقارنة بالمعدل العالمي للنمو السكاني وشددت على ضرورة الحفاظ على النمو السكاني.

وكلها حجج كافية, لرفض أي توصية قد تفتح الباب للتدخل في النسل عن طريق إقرار تشريعات متعلقة به تحت أي ذرائع سواء طبية أو حتى تنفيذا لبعض الاتفاقيات الدولية.

 

رابعا.. تعاطي الصحف مع هذه التوصية:

كما قلت لكم العينة التي أطلعت عليها كالتالي : ( الوطن, عكاظ, الرياض, المدينة)

وإجمالا يظهر لي أن قرار [الموافقة على مقترح مشروع نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا]

كان له سطوته في العناوين لكن ثمة صحيفة تبنت رأيا واضحا حيال الأمر

1- صحيفة الوطن كان عنوانها كالتالي:

[ “الشورى” يوافق على نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا

طالب “الصحة” بتطوير البرامج الوقائية والعلاجية والتوعوية

العدوان: انخفاض النمو السكاني في المملكة بشكل واضح مقارنة بالمعدل العالمي ]

وكأنها تبنت موقفا بتلميحها إلى خطر انخفاض النمو..

كما أن المحرر كان رجلا..

 

2- صحيفة المدينة كان عنوانها كالتالي:

[«الشورى» يوافق على مشروع نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا

أقر دراسة صرف أدوية المواطنين من الصيدليات الخاصة]

وفيه يظهر أن الصحيفة لم تعر التوصية المؤجلة أي اهتمام , كما أن المحرر رجل أيضا.

 

3- أم جريد الرياض فكان عنوانها كالتالي :

[إنشاء مركز وطني لتوثيقها.. ومهلة سنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للمعادلة

«الشورى» يقر نظاماً لمكافحة الشهادات العليا المزورة والوهمية والواهنة ]

وقبل أن نقول  أن الصحيفة لم تعر التوصية المؤجلة أي اهتمام , فإنها كان لها عنوان جانبي حول الأمر { تأجيل توصية لإعداد مشروع وطني للمباعدة بين الولادات.. وعضوة تحذر من خطورتها على النمو السكاني]

وفيه توسط في طرح التوصية , كما أن المحرر رجل أيضا.

4- أما عكاظ فكان عنوانها صادما:

[اعتمد نظام توثيق ومعادلة الشهادات وتطوير البرامج الوقائية والتوعوية

الشورى يؤجل توصية المباعدة بين الولادات للمحافظة على صحة الأم وبناء الأسرة]

حيث عمدت إلى جعل  نظام الشهادات المقر أمر فرعي بينما توصية مؤجلة عنوان كبير ورئيس,

مما يعكس أنه إما المحرر أو موظف الصياغة يملك خلفية عن حساسية هذه التوصية,

وفي العنوان تبني واضح للتوصية وتجميل لها رغم خطرها على الأسرة والمجتمع كما أسلفنا.

 

اجمالا اجتهدت في رصد ما تيسر  مع رجائي بأن لا تمر علينا بعض القضايا والتوصيات المرتبطة بقضايا المرأة مرور الكرام دون تمحيص واستفسار وزيادة وعي.

 

………………..

كتبته: هند عامر

كاتبه مهتمة بقضايا المرأة في الإعلام والاتفاقيات الدولية

@hindamer

 

*ضمن سلسة تقارير راصدة لقضايا المرأة في الإعلام المحلي السعودي

 

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email

5 Responses

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشكر الأخت هند ونفع الله بها الاسلام والمسلمين قال تعالى ( وتعاونو على البر والتقوى ولا تعاونو على الأثم والعدوان ) الآيه . الله ينصر أهل الحق على أهل الباطل وأعوانهم . اللهم امين . جزاك الله خيراً هند

  2. قال عليه الصلاه والسلام ” تناكحوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامه ” حديث صحيح رواه الشافعي عن ابن عمر ، يعني نسمع لسعود الشمري ولا لرسول الله عليه الصلاة والسلام . هزلت . جزاك الله خير هند وجزى الله الحبيبه نوره العدوان خير

  3. “مع رجائي بأن لا تمر علينا بعض القضايا والتوصيات المرتبطة بقضايا المرأة مرور الكرام دون تمحيص واستفسار وزيادة وعي”
    عبارتك هذي جميلة ، لكن حبذا لو تعطينا وجهة نظرك الشخصية

اترك رداً على نوره إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هند عامر

روائية سعودية، متخصصة في الصحافة والنشر الالكتروني

اشترك معنا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك جديد الموقع على بريدك الالكتروني