(5)

  
 

خشوع الأصوات

 

 

أكرمني الله بكرمه وشاركت في يوم الجمعة الموافق 28|8|1429هـ من ضمن فريق التنظيم لحفل انطلاق حملة:(مشروع الحياة من جديد)

في قاعة مدينة الملك عبدالعزيزللعلوم والتقنية بتنظيم من مركز آسية للاستشارات.

 

كان دوري محصور  في إدارة الفريق الميداني للتنظيم العام من المتطوعات ,

وتم تكليف الأخت الفاضلة (ليلى العلي) بالتنظيم الداخلي في القاعة

وهذه صورة للمسرح والقاعة .. التقطتها على عجل ذلك اليوم


 


تم تجهيز القاعة بـ 1000 مقعد لأن العدد المتوقع حضوره هو 700حاضرة

لكن كانت المفاجأة أن  عدد الحضور كان 1300 حاضرة أي ضعف العدد المتوقع

وهنا خبر نشر في جريدة الجزيرة يحمل إشارة للعدد الكبير

قامت الزميلات بتأمين عدد إضافي من المقاعد للقاعة

لكن واجهتنا مشكلة أخرى أن أجهزة التكييف لم تكن قادرة على احتواء ذلك العدد

ورغم الإضافات التي بذلت من أجهزة متنقلة لكن بقيت حالة من الانزعاج البسيط عند الحاضرات  في الصفوف الخلفية,

وماهو معلوم أن إدارة حشد كهذا يحتاج مجهود مضاعف ..

ركزنا جهودنا في البرنامج الثقافي التمهيدي المعد والذي احتوى على عدة فقرات :

كلمة تعريفية بالمركز, وكلمة لقسم الاستشارات وغيرها..,

ورغم الهدوء النسبي لكن الانزعاج في الصفوف الأخيرة استمر

 

وكان ينبغي أن تبدأ الفقرات الرسمية:

بقراءة آيات من القرآن

ثم محاضرة للدكتورة أسماء الرويشد

يعقبها تدشين الحملة

 

تأخرت المكلفة بقراءة القرآن .

وبينما أنا منهمكة في إدارة الفريق شعرت بيد على كتفي,

التفت فإذا هي المديرة العامة أ.فوزية الشلهوب

قالت: هند أريدك أن تقرأي  القرآن تمهيدا لمحاضرة الدكتورة أسماء

قلت: وأين فلانة – المكلفة بالتلاوة – .

قالت: لم تحضر.


دخلت القاعة ووقفت عند الباب مع مجموعة من الزميلات نتشاور في الآيات المتناسبة مع الحملة

وانهمرت الاقتراحات

فتقدمت(أ.ليلى العلي) وأمسكت بالمصحف وقالت إذا كنا نريد آيات تربط القرآن بالحياة

فلا أكمل من أول سورة البقرة:

(الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ


قلت: قضي الأمر يا أحباب .. سأقرأ من أول سورة البقرة .

تقدمت واخترقت الحشد الكبير من الحاضرات واعتليت المسرح,

ثم تنحيت جانبا وارتميت على كرسي جانبي خلف الستار و بعيدا عن الأعين

 

كنت منهكه للحد الذي لا يتخيله أحد, كان جسدي مرهقا من السهر, وأعصابي مشدودة, والتوتر النفسي موجود


جلست وفتحت المصحف, جمعت كل تلك الانكسارات.. واسترخيت وبدأت أقرا قراءة هاااادئة

وفقني الله لهذه القراءة حينها وقد أصبحت أنصح كل أحد أن القراءة الهادئة في المناسبات الرسميه هي الأنسب.

مع استمراري في الترتيل نسيت الحفل وأصبحت أقرأ لنفسي,  وشعرت أن كل تلك الانكسارات والاحباطات تخرج مع أنفاسي,

شعر أن كل مساحات اليأس تتساقط ووأن إحساسا بالسكينة يحلق بي.

 

ف لم يقطع سكينتي إلا صوت صديقتي (مقدمة الحفل) اقتربت وقالت:

هند الآن وقت بدء المحاضرة

والدكتورة أسماء الرويشد دخلت القاعة وهي في الطريق إلى المسرح.


 وصلت حينها لمنتصف الوجه الثالث, ختمت قراءتي وسلمت على الدكتورة أسماء

وقبل أن أنزل من المسرح شاهدت منظرا أذهلني

 

تسيد صمت مهيب القاعة, وشاهدت حالة سكون عجيييبة تستولي على الحاضرات,

أما الأصوات المرتفعة قبل القراءة فكانت في حالة أبلغ ما يمكن أن أسميها به (حالة خشوع)

نعم .. كنت أحاول أن أفهم عبارة (وخشعت الأصوات) في سورة طه, لكني في تلك اللحظة فهمتها.


والله أني استشعرت ذلك الهدوء المهيب بشكل زرع الرهبة في أطرافي

لقد تحدثنا كثيرا في البرنامج الثقافي التمهيدي وسط ضجيج الأصوات ,

لكن ذلك الضجيج مع القرآن أصبح شيئا مختلفا

سرت قشعريرة في جسدي وتساءلت:

كيف سكن هذا الحشد, وأي قوة تلك التي حملتها الآيات لتلقي بظلالها حتى على الأصوات ؟

 

نزلت من المسرح وخرجت من القاعة وبقي ذلك التساؤل يشغلني كلما رأيت موقفا مشابها

ثم أكرمني الله قبل رمضان هذا العام وقرأت عبارات تصف الحالة تماما

في كتاب (الطريق إلى القرآن) لـ(ابراهيم السكران)

كان يتحدث بتفصيل بديع عن ما أسماه (سطوة القرآن) على النفوس والقلوب بل وحتى الجوارح

وما أجملها من سطوة

هنا رابط الكتاب إن أردتم تحميله:

https://t.co/b3WIcfPA

2882372329_729eaa7af1.jpg

كانت هذه الحكاية  أما الآية :

قال تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ …)

(الحشر : 21 )

يقول ابراهيم السكران:

(حين يسري صوت القارئ في الغرفة

يغشى المكان سكينة ملموسة تهبط على أرجاء ما حولك ..

تشعر أن ثمة توتراً يغادر المكان ..

كأن الجمادات من حولك أطبقت على الصمت

.. كأن الحركة توقفت..

هناك شئ ما تشعر به لكنك لا تستطيع أن تعبر عنه..)

 

صدقت يا استاذ ابراهيم

شيء أشعر به لكن لا أستطيع أن أعبر عنه

يا أحباب لنحاول ان نطبق ذلك على أنفسنا:


إذا سمعت القرآن يتلى 

فاستشعر خشوع الأصوات .. وخشوع الجمادات

وتحسس قلبك 

 ——————-

ماوافق الحق من قولي خذوه وما جانبه بلا تردد اجتنبوه

كتبته هند عامر

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email

4 Responses

  1. كﻻم رائع وقد تأثرت به كثيرا….وأعجبتني المواضيع اﻷخرى لك…وأتمنى أن تنشر كي تعم الفائدة للجميع….
    بارك الله فيك. .وسخرك للخير دائما.

  2. ذكرتيني بأستاذتي في الجامعة
    كان صوتها مبعثر مرتجف لكنها كانت
    في كل آية تقرأها بنبرة مختلفة
    كأنها تقول أنتبهوا للصوت وافهموا جيداً
    ما أريد الوصول إليه

اترك رداً على سيد عبدالحارث إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هند عامر

روائية سعودية، متخصصة في الصحافة والنشر الالكتروني

اشترك معنا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك جديد الموقع على بريدك الالكتروني