سلسلة

(المقال الأخير)

وعاد المصحف وحيدا

 

المصحف السابق هو مصحف لرجل نحسبه من أهل الصلاح ولا نزكيه 

توفي في تاريخ 15/2/1431 – أي عام 2009

قبل أن أبدأ الحكاية

نريد أن نتأمل حال مصحف هذا الرجل مع هذه الصور

 

هل ترون كيف أصبحت أوراق المصحف مهترئة من كثرة الاستعمال

 

 

حسنا

دعوني أروي حكاية هذا المصحف :

 

كان هناك رحلة للملتحقات بالمركز الذي أعمل فيه آنذاك في شهر شعبان من عام 1431 هـ

و ألقت الزميلة المباركة د.ريم الباني .. كلمة عن استقبال رمضان لذلك العام

ثم كانت هناك مداخلة من أ. هدى الأحديب – رئيسة لجنة المتطوعات في المركز –

و قد عرفت كمنسقة للمحاضرات الدينية


تحدثت في سكينة ووقار عن وفاة والدها قبل عدة أشهر

 مات و مصحفه في حجره

كان قد حج عام 1430 هـ رغم أنه انقطع عدة سنوات لكبر سنه حيث بلغ من العمر حينها 83عام

وفي صفر من عام 1431هـ  ذهب مع زملائه للعمرة

وبعد عدة أيام من المكوث في مكة خرجوا قاصدين المدينة المنورة

حيث كان ملك الموت ينتظره قبل دخول المدينة بـ 50 كيلو تقريبا

تعرضوا لحادث فانقلبت السيارة ونجى الجميع .. إلا الشيخ (محمد بن سعد الأحيدب)

مات الشيخ محمد وهذا المصحف في حجره

مات بعد أن حج..

مات بعد أن أعتمر ..

مات وهو متجه لزيارة مسجد حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم

مات بعد قضى عمره في إلقاء الكلمات والمحاضرات في المساجد

مات بعد أن كان حريصا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مات وهو الصوام القوام

مات وقد لقبه أحد من كتب عنه ناعيا بـ (الشيخ الذي ابكى القلوب)

مات هو .. لكن مصحفه بقي

ثم رفعت الأستاذة هدى المصحف بهدوء

قالت: هذا هو المصحف الذي مات والدي وهو في حجره

تعلقت عيناي بذلك المصحف

الذي بقي ليشهد لنا على صدق ذلك الرجل

بدأت أتخيل المشهد

شخص يحتضن مصحفه, وفجأة تنقلب السيارة

يذهب الرجل بمصحفه .. ويعود المصحف وحيدا لحكي لنا عن موت صاحبه

كنا متعجبين من تلك المرأة التي ماتت على سجادتها

فأتى هذا الرجل المبارك, بما هو أعجب

لم ينته الأمر .. لقد أخرجت د.ريم

ورقة تقويم كان يضعها والد أ.هدى في مصحفه

هل تعلمون ماهي الآية التي كانت موجودة على ورقة التقويم

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)

وهذه صورة لتلك الورقة

 

انظروا للوجه الآخر من الورقة

 

إنها من شهر محرم من نفس العام

هل كان استشعر الشيخ محمد قرب وفاته فأستعجل العمرة!!

يا أحباب الفارق بين التاريخ في ورقة التقويم وتاريخ وفاة الرجل شهر واحد فقط !!

أم أراد الشيخ محمد  أن تكون هذه الحقيقة

حاضرة أمام عينيه

ولم يكن يعلم أن أحدهم سيرفعها أمام الملأ يوما

لتكون تلك الورقة شاهدة على صدقه مع ربه

ولا نزكيه

 

كانت تلك الحكاية أما الآية:

(يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ) 

(إبراهيم : 27 )

هي رسالة واضحة

 أن كل من صدق مع الله في حياته ..سيصدق الله معه في حياته وبعد مماته

كل من صدق مع الله في حياته.. سيصدق الله معه في حياته وبعد مماته

كل من صدق مع الله في حياته.. سيصدق الله معه في حياته وبعد مماته

……………………………………………

ما وافق الحق من قولي خذوه .. وما جانبه بلا تردد اجتنبوه

كتبته هند عامر

hindamer@hotmail.com

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on whatsapp
Share on email

7 Responses

  1. ماأعظم ذلك الرجل كان يتصل بي ويسأل عني رغم ان عمري لايتجاوز سن ٢٦ سنه كان يسأل عن احوال الصغير والكبير رغم ان له الحق وحضر زواجي قبل ثلاث سنوات رغم انشغاله في وقت زواجي الا انه حضر بنفسه ليهنأني ماأعظم ذلك الرجل رحمك الله واسكنك فسيح جناته

  2. الله يرحمك يابوي ياابو الجميع
    كان هذ الانسان كريم
    لا استطيع التحدث عنك من كثر افضاله

اترك رداً على نورة التمامي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هند عامر

روائية سعودية، متخصصة في الصحافة والنشر الالكتروني

اشترك معنا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك جديد الموقع على بريدك الالكتروني